الخميس، 28 مارس 2013

التفكير البصرى فى التعليم والتدريب وادارة الاعمال

التمهـــــــــــيد:

التفكير البصري هو التفكير الناشيء عما نراه وهو أحد أنماط التفكير الغير لفظي مثله مثل تعلم الموسيقى والرياضيات والحركة، وهذا النوع مـن التفكير يعتمد على مـا تراه العين وما يتم إرساله من شريط مـن المعلومات المتتابعة الحدوث (المشاهدة) إلى المخ حيث يقوم بترجمتها وتجهيزها وتخزينها في الذاكرة لمعالجتها فيما بعد، الجانب الأيسر من المخ هو المسئول عن عمليات معالجة الأفكار المنطقية أما الجانب الأيمن فهو المسئول عن معالجة الأفكار الابداعية. المتميزون فى هذا النوع من الفكر لديهم المقدرة العالية على الإبداع وبلورة تفكيرهم والتواصل بدرجة عالية مع كل من الأفكار والأشخاص الآخرين ويطلق عليهم أصحاب الجانب الأيمن مـن المخ.

نحن خلال دراستنا التقليدية السائدة في المراحل التعليمية المختلفة التخصصات نجد أن التركيز الأكبر ينصب على الجانب المنطقي (Logical Side) وإهمال الجانب الإبداعي (Creative Side)، إن الجمع بين المنطق والإبداع يمكن أن يؤدى إلى وضوح في التفكير وإظهار ما يمكن أن يكون مخفي من معلومات معقدة أو ثنايا أخرى ذات علاقة لا يمكن ملاحظتها عند إتباع أسلوب التفكير المنطقي فقط، هذا التزاوج يعمل أيضا على تنظيم تلك المعلومات و معالجتها بسرعة، أي هو التزاوج بين الجوانب الخلاقة للعقل والبصر.


مفهوم التفكير البصري ينفي وجود الفرق بين الرؤية والتفكير، حيث يفترض أن المعلومات المشاهدة عبر العين و المرسلة إلى المخ لا تعتبر في حد ذاتها كوظيفة فقط يتم من خلالها التقاط ما يدور أمام العين وفى محيط النظر عبر الرؤية ولكن أيضا تشمل ما يستتبع ذلك من نشاط عقلي يدور في المخ لتفسير ما يجري و التجهيز للتفاعل، أي رد الفعل تجاه ما تم رؤيته وهذا هو التفكير بعينة. * * * * *

التفكـــير البصــرى والذاكـــرة التخيلـــية

الذاكرة التصويرية (Photographic Memory) هي المقدرة لدى البعض من البشر على استحضار الصور والموسيقى و الأشكال إلــى الذاكــرة بدقــة عالية، الذاكرة التصويرية أو مــا يطلق عليها أيضا الذاكــرة التخيلــية (Eidetic Memory) لوحظ أنها تكون لدى بعض الأطفال عالية جـدا إلى الدرجة التي تمكن الطفل من استحضار بدقة بالغة كل ما أمكن أن تشاهده عيناه لبرهة من الزمن لا تتجاوز فترة الـ ٣٠ ثانية، أيضا البعض من الذين يعانون من علة التوحد (Autism) يتمتعون بقوة ذاكرة قوية وفوق العادة.




معظم الناس الذين يمتلكون ذاكرة جيده فى الغالب يكون لديهم ذاكرة تصويرية جيدة، وعلى الرغم من ذلك هناك فروق واضحة بين هذين النوعين من الذاكرة فيما يتعلق بمعالجة المعلومات الملتقطة، فالإنسان الذي لدية ذاكرة عادية كثيرا ما يستخدم أجهزة التذكر المساعدة (Mnemonic Devices) من أجل حفظ التفاصيل المتعلقة بمعلومة أو موضوع ما، أما الأشخاص الذين يتمتعون بذاكرة تصويرية قوية فسنجد أن لديهم القدرة على تذكر أدق التفاصيل المتعلقة بالمكان و الزمان لمعلومة أو حدث أو موضوع ما، في مقابل ذلك قد يعانى بعض الناس من التشويش لدى ذاكرتهم التصويرية وهذا يعتبر من الحالات العرضية.
هذا النوع من الذاكرة يكون جليا لدى المفكرين البصريين (Visual Thinkers) أكثر من غيرهم من الناس وتصبح صفة سائدة لديهم حيث يرتبط ذلك بعمل هذا النوع من الذاكرة فى الرؤية أكثر منه كوسيلة للتفكير، هذه الميزة للرؤية البصرية قد تصبح محدودة في حالة المصابين بعدم القدرة على تمييز الألوان و الأشكال نتيجة لقصور ذهني لديهم والذي نطلق علية مجازا عمى الألوان (Visual Agnosia) حيث يفتقدون فى العادة استخدام مهارات التفكير التصويري العقلي.
* * * * *

التفكـــير البصــرى وعســـــر القــــراءة

عسر القراءة (Dyslexia) أو ما يطلق علية العجز عن التعلم الذي من ظواهره الصعوبة في التعامل مع قراءة مفردات الحديث المرأى أو المكتوب وخصوصا قراءة اللغات الحية، وعسر القراءة هذا يعتبر منفصلا ومختلفا عن عدم استطاعة القراءة الناشيء عن القصور الغير عصبي في الرؤية أو السمع أو الناشئ عن عدم القدرة على القراءة نتيجة الإرشادات الضعيفة أو الغير صحيحة التي تحض على القراءة، وبالتالي يمكننا وصف عسر القراءة على أنه نتاج اختلافات ناشئة من معالجة المخ لكل من عمليتي الكتابة والقراءة.
لا يوجد ما يشبر إلى علاقة ما بين عسر القراءة والتفكير البصري، ولكن الإحصاءات المعتمدة تقول أن عسر القراءة قد يصيب ما نسبته ١٧% من تعداد السكان العام وأن نسبة المفكرين البصريين يتراوح بين ٦٠% و ٦٥% من تعداد السكان العام ، وبما أن التفكير البصري يعتبر وسيلة شائعة للتفكير، عندئذ يمكننا القول أن ما نسبته أيضا بين ٦٠% و ٦٥% ممن يعانون من عسر القراءة هم من المفكرين البصريين.
* * * * *

التفكــير البصــرى وعلـــــة التوحــــــــد

التوحد (Autism) هو ظاهرة أو مرض ينشأ نتيجة اضطراب عمليات نمو المخ ومن أعراضها ضعف التفاعل و التواصل الإجتماعى مع الآخرين ووضوح سلوك التقيد إلى شيئ محدد والتكرار لدى المصابين به، هذه العلة تبدأ في الظهور قبل بلوغ الطفل عامة الثالث بعد الولادة، وتلعب العوامل الوراثية دورا كبيرا في ظهور هذه الحالة، أول من قام بالربط بين التفكير البصري وعلة التوحد هو المريضة السابقة والبروفيسورة الحالية/ تيمبل جراندين (Temple Grandin) والمتخصصة فى علوم الحيوان والمقيمة فى بوسطن بولاية ماساشوتس الأمريكية، حيث كانت تعانى من تأخر النطق حتى عامها الرابع من الولادة وتم تشخيص حالتها من قبل الأطباء على إنها علة التوحد نتيجة اضطراب في نمو المخ لديها وقد نصح الأطباء والدتها بانتهاج وسيلة التعلم عن طريق المحادثة كعلاج لحالتها، تتذكر تيمبل جراندن علاقاتها بالمجتمع أثناء مرحلتي التعليم المتوسط والثانوي بأنها كانت قاسية عليها نظرا لأن الجميع كانوا ينعتونها بلقب جهاز التسجيل المتحرك نظرا لحالات التكرار التي كانت تنتابها سواء فى المدرسة أو أثناء ذهابها أو عودتها منها.
كما ذكرنا فى السابق فإن التفكير البصري هو أحد أشكال التعلم الغير لغوية (بصري) الأساسية والتي تشمل أشكال أخرى مثل تعلم التأهيل البدني (حركي) أو تعلم الموسيقى (سمعي) أو تعلم الرياضيات والنظـم (منطقي)، ولكن التفكير البصري هو الشائع بينهم ولذلك سنجد أن معظم الناس لديهم خليط من أساليب التعلم المختلفة وبالتالي فمن المعتقد أن المصابين بعلة التوحد يتساوون مع المعافين منها في اللجوء ألى التفكير البصري كوسيلة من أجل التعلم.
* * * * *

الحــــيز البصـرى

المفكرون البصريون يمكنهم بسهولة وصف تفكيرهم عن طريق الرسم و الصور وبالتالي فهم مثل العديد من البشر الآخرين أيضا يتمتعون بالظاهرة التي يطلق عليها منطق المكانية و الزمنية (Spatial-Temporal Reasoning) أو المقدرة على الإحاطة بالحيز البصري (Spatial Visualization Ability) مثلهم مثل من يتعلمون التأهيل البدني (الذين يتعلمون من الحركة وعمل التشكيلات) والمفكرين المنطقيين (الذين يتعلمون الرياضيات و الحساب عن طريق التفكير في الأشكال والنظم)، غالبية المفكرون البصريون يرون الكلمات أمام أعينهم كسلسلة من الصور المتعاقبة ، والأخذ بذلك الرأي وحدة قد يتنافى مع ظاهرة منطق المكانية والزمنية، ولذلك سنجد أن البعض والقليل منهم فقط هو من ينطبق علية هذا الأمر وهم من يتخذون من الرؤية البصرية منفذهم الوحيد للتعلم دونما اللجوء إلى الأشكال الأخرى من التعليم.
* * * * *

4 التعليقات:

المعلومات مهم وشكرا على الافاده

موضوع رائع استفدت منه كثيرا شكرا اخي العزيز

انا منصور العبدلي جزاك الله خير على هذه المعلومات المفيده

إرسال تعليق